ما هي الأوصاف التي يُنادى بها على الكافر؟ وهل يجوز قول "أخي" و "سيدي"؟
صفحة 1 من اصل 1
ما هي الأوصاف التي يُنادى بها على الكافر؟ وهل يجوز قول "أخي" و "سيدي"؟
الحمد لله
أولاً :
الدراسة المختلطة بين الرجال والنساء فيها مفاسد كثيرة ، ولها آثار سيئة على كلا الجنسين ، فإذا كانت هذه الدراسة المختلطة في بلد غربي : ازداد الأمر سوءً ، وعظمت المفاسد .
وفي حكم الدراسة المختلطة : ينظر جواب السؤال رقم : (110267) .
وفي حكم الإقامة في البلاد غير المسلمة وبيان شروط ذلك ينظر جواب السؤال رقم : (27211) .
وفي الوقت الذي ننكر الدراسات المختلطة ، لا سيما في مثل تلك الدول غير المسلمة : نشجع الطلبة على الالتزام ببرامج إيمانية فيها تزكية لنفوسهم ؛ تعويضاً عما ينقص بالمشاهدات المحرَّمة ، التي تضعف الإيمان ، ونشجع على الالتزام ببرامج دعوية ؛ استثماراً لوجودهم في هذه البلاد ، لدعوة أهلها إلى الإسلام ، وهي فرصة قد لا تتكرر .
فنرجو الله أن يوفقكم في مسعاكم ، ونسأله أن يعظم لكم الأجور ، ومن الجيد أن يكون لكم اتصال مع أهل العلم ، ومواقع الفتوى ، للسؤال عما يشكل عليكم .
ونحن يفرحنا وجود ترتيب لجهودكم في الدعوة إلى الله ، وتنظيم لعملكم ذاك ، ونرى أن الدعوة إلى الله في مثل تلك البلاد تحتاج لعقلاء ، وحكماء ، ومبدعين ، لإيصال رسالة الإسلام لأكبر قدر ممكن من المدرسين ، والطلبة ، مع التنبيه أن يحاط ذلك كله بالالتزام بأحكام الشرع .
ثانياً
وجواباً على أسئلتكم تحديداُ نقول :
1- لا يجوز عمل برامج دعوية فيها اختلاط نساء برجال ، ونرى أن التزامكم بالشرع في هذا الباب واجب عليكم ؛ استجابة لأوامر الشرع في تحريم الاختلاط ، ودفعاً للفتن المترتبة على ذلك .
وهذا إذا كنتم أنتم من يقيم ذلك المعرض ، أو البرنامج .
وأما أن يكون قائماً من قبَل الجامعة ، ويكون منكم استثمار له ، بوجود زاوية أو فقرة تعرضون فيها مواد سمعية ، ومرئية ، ونصية ، عن الإسلام : فلا نرى في ذلك بأساً ، بشرط لا تشاركوا القائمين على هذا العمل في شيء من الأعمال المحرمة .
2- لا يجوز لكم استعمال الألفاظ الشرعية الخاصة بالمسلمين ، كلفظ " أخي " ، ولا الألفاظ التي فيها إظهار المودة المنهي عن وجودها عند المسلم تجاه غير المسلم ، كلفظ " صديقي " ، ولا الألفاظ التي نهينا عن مخاطبة الكفار بها ، كلفظ " سيِّد " .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
عن حكم قول : " أخي " لغير المسلم ؟ وكذلك قول : " صديق " و " رفيق " ؟ وحكم الضحك إلى الكفار لطلب المودة ؟ .
فأجاب :
أما قول : " يا أخي " لغير المسلم : فهذا حرام ، ولا يجوز ، إلا أن يكون أخاً له من النسب ، أو الرضاع ؛ وذلك لأنه إذا انتفت أخوة النسب والرضاع : لم يبق إلا أخوَّة الدين ، والكافر ليس أخاً للمؤمن في دينه ، وتذكر قول نبي الله تعالى نوح : (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) .
وأما قول : "صديق " ، " رفيق " ، ونحوهما : فإذا كانت كلمة عابرة يقصد بها نداء من جهل اسمه منهم : فهذا لا بأس به ، وإن قصد بها معناها تودداً وتقربّاً منهم : فقد قال الله تعالى : (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) ، فكل كلمات التلطف التي يقصد بها الموادة : لا يجوز للمؤمن أن يخاطب بها أحداً من الكفار .
وكذلك الضحك إليهم لطلب الموادة بيننا وبينهم : لا يجوز ، كما علمت من الآية الكريمة" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 3 / 42 ، 43 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 118343 ) تجد فتاوى أخرى في الموضوع .
وفي جواز معاملة الكفار بالرفق ، واللين ؛ طمعاً في إسلامهم : انظر جوابي السؤالين :
( 59879 ) و ( 41631 ) .
3- وأما النهي عن قول "سيد" ، أو "سيدي" لأحدٍ من الكفار : فقد جاء ذلك في نص صحيح .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (لاَ تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ) .
رواه أبو داود ( 4977 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وإذا كان هذا الحكم في المنافق فالكافر مثله ، وقد جعل النووي رحمه الله هذا الحكم شاملاً للفاسق ، والظالم ، والمبتدع ، فقد بوَّب في كتابه "رياض الصالحين" ، فقال : "باب النهي عن مخاطبة الفاسق والمبتدع ونحوهما بـ "سيِّد" ، ونحوه " .
وقال ابن القيم رحمه الله تحت فصل "خطاب الكتابي بسيدي ومولاي" :
"وأما أن يُخاطب بـ "سيدنا" ، و "مولانا" ، ونحو ذلك : فحرام قطعاً ، وفي الحديث المرفوع : (لا تقولوا للمنافق : سيدنا ، فإن يكن سيدكم فقد أغضبتم ربكم)" انتهى .
" أحكام أهل الذمة " ( 3 / 1322 ) .
وقال الشيخ حمود التويجري رحمه الله :
"ولا يجوز وصف أعداء الله تعالى بصفات الإجلال والتعظيم كالسيد ، والعبقري ، والسامي ونحو ذلك ، لما رواه أبو داود والنسائي والبخاري في الأدب المفرد عن بريدة رضي الله عنه ... .
وقد قلَّت المبالاة بشأن هذا الحديث الشريف ، حتى صار إطلاق اسم " السيد " ونحوه على كبراء الكفار ، والمنافقين ، مألوفاً عند كثير من المسلمين في هذه الأزمان ، ومثل السيد " المستر " باللغة الإفرنجية ، وأشد الناس مخالفة لهذا الحديث : أهل الإذاعات ؛ لأنهم يجعلون كل مَن يستمع إلى إذاعاتهم من أصناف الكفار ، والمنافقين ، سادة ، وسواء عندهم في ذلك الكبير ، والصغير ، والشريف ، والوضيع ، والذكر ، والأنثى ، بل الإناث هن المقدمات عندهم في المخاطبة بالسيادة ، وفي الكثير من الأمور خلافاً لما شرعه الله من تأخيرهن .
وبعض أهل الأمصار يسمُّون جميع نسائهم : " سيدات " ، وسواء عندهم في ذلك المسلمة ، والكافرة ، والمنافقة ، والصالحة ، والطالحة .
ويلي أهل الإذاعات في شدة المخالفة لحديث بريدة رضي الله عنه : أهل الجرائد ، والمجلات ، وما شابهها من الكتب العصرية ؛ لأنهم لا يرون بموالاة أعداء الله ، وموادتهم ، وتعظيمهم بأساً ، ولا يرون للحب في الله ، والبغض في الله ، والموالاة فيه ، والمعاداة فيه : قدراً ، وشأناً .
" تحفة الإخوان بما جاء في الموالاة والمعاداة والحب والبغض والهجران " ( ص 20 ، 21 ) ترقيم الشاملة .
ولا حرج من مناداة الكفار بأسمائهم أو "القرابة" – كما في قوله صلى الله عليه وسلم لعمِّه أبي طالب "يَا عَمُّ" - ، أو "المسمَّى الوظيفي" – كـ "رئيس الجامعة" ، أو "عميد الكلية" ، كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم هرقل بـ " عظيم الروم " - ، وغيرها من الأوصاف المباح مناداته بها .
ثم ينبغي التنبيه إلى أن هذه الأحكام التي قررناها هي الأصل الذي يطالب به المسلم ، ولكن قد يختلف الأمر باختلاف المصلحة المترتبة على مناداة الكافر بما قد يفهم منه تعظيمه ، أو المفسدة المترتبة على عدم ذلك ، فقد يكون الشخص قريباً جداً من الإسلام فمثل هذا لا بأس بتأليفه على الإسلام ويتسامح في حقه ما لا يتسامح في حق من عرف بالغلظة والشدة على المسلمين .
وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله :
"ومدار هذا الباب وغيره مما تقدم على المصلحة الراجحة ، فإن كان في كنيته وتمكينه من اللباس وترك الغيار [يعني : عدم تغير أسمائهم ولباسهم إذا تسموا بأسماء المسلمين ولبسوا لباسهم] والسلام عليه أيضاً ونحو ذلك تأليفاً له ورجاء إسلامه وإسلام غيره كان فعله أولى ، كما يعطيه من مال الله لتألفه على الإسلام ، فتألفه بذلك أولى .
وقد ذكر وكيع عن ابن عباس أنه كتب إلى رجل من أهل الكتاب : سلام عليك .
ومَن تأمَّل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في تأليفهم الناس على الإسلام بكل طريق : تبيَّن له حقيقة الأمر ، وعلِم أن كثيراً مِن هذه الأحكام التي ذكرناها - من الغيار ، وغيره - تختلف باختلاف الزمان ، والمكان ، والعجز ، والقدرة ، والمصلحة ، والمفسدة .
ولهذا لم يغيرهم النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر رضي الله عنه ، وغيرهم عمر رضي الله عنه .
والنبي صلى الله عليه وسلم قال لأسقف نجران : أسلم أبا الحارث ، تأليفاً له واستدعاء لإسلامه ، ولا تعظيماً له وتوقيراً" انتهى .
"أحكام أهل الذمة" (2/524) .
والمناداة بالكنية ، مثل : (أبا الحارث) فيها نوع توقير عند العرب ، ففعله النبي صلى الله عليه وسلم مع هذا النصراني تأليفا له على الإسلام .
والله أعلم
أولاً :
الدراسة المختلطة بين الرجال والنساء فيها مفاسد كثيرة ، ولها آثار سيئة على كلا الجنسين ، فإذا كانت هذه الدراسة المختلطة في بلد غربي : ازداد الأمر سوءً ، وعظمت المفاسد .
وفي حكم الدراسة المختلطة : ينظر جواب السؤال رقم : (110267) .
وفي حكم الإقامة في البلاد غير المسلمة وبيان شروط ذلك ينظر جواب السؤال رقم : (27211) .
وفي الوقت الذي ننكر الدراسات المختلطة ، لا سيما في مثل تلك الدول غير المسلمة : نشجع الطلبة على الالتزام ببرامج إيمانية فيها تزكية لنفوسهم ؛ تعويضاً عما ينقص بالمشاهدات المحرَّمة ، التي تضعف الإيمان ، ونشجع على الالتزام ببرامج دعوية ؛ استثماراً لوجودهم في هذه البلاد ، لدعوة أهلها إلى الإسلام ، وهي فرصة قد لا تتكرر .
فنرجو الله أن يوفقكم في مسعاكم ، ونسأله أن يعظم لكم الأجور ، ومن الجيد أن يكون لكم اتصال مع أهل العلم ، ومواقع الفتوى ، للسؤال عما يشكل عليكم .
ونحن يفرحنا وجود ترتيب لجهودكم في الدعوة إلى الله ، وتنظيم لعملكم ذاك ، ونرى أن الدعوة إلى الله في مثل تلك البلاد تحتاج لعقلاء ، وحكماء ، ومبدعين ، لإيصال رسالة الإسلام لأكبر قدر ممكن من المدرسين ، والطلبة ، مع التنبيه أن يحاط ذلك كله بالالتزام بأحكام الشرع .
ثانياً
وجواباً على أسئلتكم تحديداُ نقول :
1- لا يجوز عمل برامج دعوية فيها اختلاط نساء برجال ، ونرى أن التزامكم بالشرع في هذا الباب واجب عليكم ؛ استجابة لأوامر الشرع في تحريم الاختلاط ، ودفعاً للفتن المترتبة على ذلك .
وهذا إذا كنتم أنتم من يقيم ذلك المعرض ، أو البرنامج .
وأما أن يكون قائماً من قبَل الجامعة ، ويكون منكم استثمار له ، بوجود زاوية أو فقرة تعرضون فيها مواد سمعية ، ومرئية ، ونصية ، عن الإسلام : فلا نرى في ذلك بأساً ، بشرط لا تشاركوا القائمين على هذا العمل في شيء من الأعمال المحرمة .
2- لا يجوز لكم استعمال الألفاظ الشرعية الخاصة بالمسلمين ، كلفظ " أخي " ، ولا الألفاظ التي فيها إظهار المودة المنهي عن وجودها عند المسلم تجاه غير المسلم ، كلفظ " صديقي " ، ولا الألفاظ التي نهينا عن مخاطبة الكفار بها ، كلفظ " سيِّد " .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
عن حكم قول : " أخي " لغير المسلم ؟ وكذلك قول : " صديق " و " رفيق " ؟ وحكم الضحك إلى الكفار لطلب المودة ؟ .
فأجاب :
أما قول : " يا أخي " لغير المسلم : فهذا حرام ، ولا يجوز ، إلا أن يكون أخاً له من النسب ، أو الرضاع ؛ وذلك لأنه إذا انتفت أخوة النسب والرضاع : لم يبق إلا أخوَّة الدين ، والكافر ليس أخاً للمؤمن في دينه ، وتذكر قول نبي الله تعالى نوح : (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) .
وأما قول : "صديق " ، " رفيق " ، ونحوهما : فإذا كانت كلمة عابرة يقصد بها نداء من جهل اسمه منهم : فهذا لا بأس به ، وإن قصد بها معناها تودداً وتقربّاً منهم : فقد قال الله تعالى : (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) ، فكل كلمات التلطف التي يقصد بها الموادة : لا يجوز للمؤمن أن يخاطب بها أحداً من الكفار .
وكذلك الضحك إليهم لطلب الموادة بيننا وبينهم : لا يجوز ، كما علمت من الآية الكريمة" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 3 / 42 ، 43 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 118343 ) تجد فتاوى أخرى في الموضوع .
وفي جواز معاملة الكفار بالرفق ، واللين ؛ طمعاً في إسلامهم : انظر جوابي السؤالين :
( 59879 ) و ( 41631 ) .
3- وأما النهي عن قول "سيد" ، أو "سيدي" لأحدٍ من الكفار : فقد جاء ذلك في نص صحيح .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (لاَ تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ) .
رواه أبو داود ( 4977 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وإذا كان هذا الحكم في المنافق فالكافر مثله ، وقد جعل النووي رحمه الله هذا الحكم شاملاً للفاسق ، والظالم ، والمبتدع ، فقد بوَّب في كتابه "رياض الصالحين" ، فقال : "باب النهي عن مخاطبة الفاسق والمبتدع ونحوهما بـ "سيِّد" ، ونحوه " .
وقال ابن القيم رحمه الله تحت فصل "خطاب الكتابي بسيدي ومولاي" :
"وأما أن يُخاطب بـ "سيدنا" ، و "مولانا" ، ونحو ذلك : فحرام قطعاً ، وفي الحديث المرفوع : (لا تقولوا للمنافق : سيدنا ، فإن يكن سيدكم فقد أغضبتم ربكم)" انتهى .
" أحكام أهل الذمة " ( 3 / 1322 ) .
وقال الشيخ حمود التويجري رحمه الله :
"ولا يجوز وصف أعداء الله تعالى بصفات الإجلال والتعظيم كالسيد ، والعبقري ، والسامي ونحو ذلك ، لما رواه أبو داود والنسائي والبخاري في الأدب المفرد عن بريدة رضي الله عنه ... .
وقد قلَّت المبالاة بشأن هذا الحديث الشريف ، حتى صار إطلاق اسم " السيد " ونحوه على كبراء الكفار ، والمنافقين ، مألوفاً عند كثير من المسلمين في هذه الأزمان ، ومثل السيد " المستر " باللغة الإفرنجية ، وأشد الناس مخالفة لهذا الحديث : أهل الإذاعات ؛ لأنهم يجعلون كل مَن يستمع إلى إذاعاتهم من أصناف الكفار ، والمنافقين ، سادة ، وسواء عندهم في ذلك الكبير ، والصغير ، والشريف ، والوضيع ، والذكر ، والأنثى ، بل الإناث هن المقدمات عندهم في المخاطبة بالسيادة ، وفي الكثير من الأمور خلافاً لما شرعه الله من تأخيرهن .
وبعض أهل الأمصار يسمُّون جميع نسائهم : " سيدات " ، وسواء عندهم في ذلك المسلمة ، والكافرة ، والمنافقة ، والصالحة ، والطالحة .
ويلي أهل الإذاعات في شدة المخالفة لحديث بريدة رضي الله عنه : أهل الجرائد ، والمجلات ، وما شابهها من الكتب العصرية ؛ لأنهم لا يرون بموالاة أعداء الله ، وموادتهم ، وتعظيمهم بأساً ، ولا يرون للحب في الله ، والبغض في الله ، والموالاة فيه ، والمعاداة فيه : قدراً ، وشأناً .
" تحفة الإخوان بما جاء في الموالاة والمعاداة والحب والبغض والهجران " ( ص 20 ، 21 ) ترقيم الشاملة .
ولا حرج من مناداة الكفار بأسمائهم أو "القرابة" – كما في قوله صلى الله عليه وسلم لعمِّه أبي طالب "يَا عَمُّ" - ، أو "المسمَّى الوظيفي" – كـ "رئيس الجامعة" ، أو "عميد الكلية" ، كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم هرقل بـ " عظيم الروم " - ، وغيرها من الأوصاف المباح مناداته بها .
ثم ينبغي التنبيه إلى أن هذه الأحكام التي قررناها هي الأصل الذي يطالب به المسلم ، ولكن قد يختلف الأمر باختلاف المصلحة المترتبة على مناداة الكافر بما قد يفهم منه تعظيمه ، أو المفسدة المترتبة على عدم ذلك ، فقد يكون الشخص قريباً جداً من الإسلام فمثل هذا لا بأس بتأليفه على الإسلام ويتسامح في حقه ما لا يتسامح في حق من عرف بالغلظة والشدة على المسلمين .
وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله :
"ومدار هذا الباب وغيره مما تقدم على المصلحة الراجحة ، فإن كان في كنيته وتمكينه من اللباس وترك الغيار [يعني : عدم تغير أسمائهم ولباسهم إذا تسموا بأسماء المسلمين ولبسوا لباسهم] والسلام عليه أيضاً ونحو ذلك تأليفاً له ورجاء إسلامه وإسلام غيره كان فعله أولى ، كما يعطيه من مال الله لتألفه على الإسلام ، فتألفه بذلك أولى .
وقد ذكر وكيع عن ابن عباس أنه كتب إلى رجل من أهل الكتاب : سلام عليك .
ومَن تأمَّل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في تأليفهم الناس على الإسلام بكل طريق : تبيَّن له حقيقة الأمر ، وعلِم أن كثيراً مِن هذه الأحكام التي ذكرناها - من الغيار ، وغيره - تختلف باختلاف الزمان ، والمكان ، والعجز ، والقدرة ، والمصلحة ، والمفسدة .
ولهذا لم يغيرهم النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر رضي الله عنه ، وغيرهم عمر رضي الله عنه .
والنبي صلى الله عليه وسلم قال لأسقف نجران : أسلم أبا الحارث ، تأليفاً له واستدعاء لإسلامه ، ولا تعظيماً له وتوقيراً" انتهى .
"أحكام أهل الذمة" (2/524) .
والمناداة بالكنية ، مثل : (أبا الحارث) فيها نوع توقير عند العرب ، ففعله النبي صلى الله عليه وسلم مع هذا النصراني تأليفا له على الإسلام .
والله أعلم
مواضيع مماثلة
» حكم زواج " الخنثى " و " العاجز جنسيّاً " ، والفرق بينهما
» حكم تعزيز الكافر
» حكم تعزية الكافر
» هل يجوز لها وضع الكحل عند خروجها من المنزل
» حكم " الخِصاء "
» حكم تعزيز الكافر
» حكم تعزية الكافر
» هل يجوز لها وضع الكحل عند خروجها من المنزل
» حكم " الخِصاء "
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى