منتديات ابوسعود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تعددزوجات الرسول

اذهب الى الأسفل

تعددزوجات الرسول Empty تعددزوجات الرسول

مُساهمة  المديرالعام الثلاثاء فبراير 09, 2010 12:48 pm

مقدمة منتديات الخفجي
الحمد لله رب العالمين، فاطر السماوات والأرض، جاعل الظلمات والنور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا r عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد النبي خاتم الأنبياء والمرسلين، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على أزواجه وآل بيته الأخيار الأطهار وأصحابه الكرام، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره r إلى يوم الدين.
وبعد:
إن الله سبحانه وتعالى يدافع عن أنبيائه، ويحافظ على مكانتهم بين الخلائق، سواء كان ذلك في حياتهم أو بعد مماتهم، ولقد اختص الله عز وجل محمدًا r بالقدر الأكبر من الحماية؛ نظرًا للاضطهاد الشديد الذي لاقاه أثناء دعوته r للدين الإسلامي، وكذلك نظرًا للافتراءات والاتهامات التي تصدر كل حين من كل فئة ضالة مضلة؛ للنيل من عقيدة الإسلام التي جعلها الله سبحانه وتعالى هي العقيدة الصحيحة لجميع البشر.
فكانت حماية الله عز وجل لمحمد r عكس أهواء الحاقدين، وعكس مصالحهم الشخصية.
ولقد عظم الله عز وجل من شأن رسوله محمد r خاتم المرسلين، ورفعه فوق البشر جميعًا؛ لما أكرمه وحباه، واختصه بصفات قيادية وأخلاقية وسلوكية لا يمكن أن تتحقق لإنسان آخر.
ويتضمن هذا البحث اليسير الموجز:
مغزى وحكمة الشريعة الإسلامية تجاه الغريزة الفطرية للرجل في قصده وميله للمرأة.
تعدد الزوجات في الأمم والشرائع السابقة.
بعض شهادات عباقرة المفكرين الغربيين على ما جاء به خاتم المرسلين من شرع محكم للعالمين.
مكانة ومنـزلة المرأة قبل بعثة النبي r وبعدها.
ردود على ما أثاره وروجه بعض المنافقين والحاقدين من افتراءات وأكاذيب حول إكثار رسول الله r في زواجه وتعدده r من زوجاته.
شواهد ودلائل وبراهين النبوة في زواجه r من نسائه وتعدده من زوجاته.
بعض من الحكم والفوائد العظيمة المستنبطة من زواج رسول الله r بنسائه وتعدده من زوجاته.
بعض من الحكم الجليلة والفوائد العظيمة المستنبطة في إقرار الشريعة الإسلامية لمبدأ تعدد الزوجات.
تنبيه وتحذير من بعض المنتسبين للإسلام ومما تبيحه شرائعهم من زواج باطل فاسد، وأنهم ليسوا بحجة على الإسلام.
بعض من الشواهد اللطيفة والإرشادات الرقيقة التي تشير إلى نبوة المصطفى r وتشهد بصدق وحكمة الشرع الذي جاء به.
رسالة دعوية قصيرة.
وأسأل الله العظيم، رب العرش الكريم أن يتقبل منا ومن الجميع صالح الأعمال وأن ينميه لنا سبحانه وتعالى،،،



تنويه وإرشاد
بداءة: نحب أن ننوه ونرشد إلى شيء مهم يبين لنا مغزى وحكمة الشريعة الإسلامية بصدد هذا الموضوع الذي نتحدث عنه وهو:
أن الإسلام بشرعه الحنيف لم يأتِ ليقتل شهوة الرجل وغريزته التي فطره الله سبحانه وتعالى عليها، بل جاء ليوجهها ويُسيرها الاتجاه والمسار الصحيح وفقًا للشرع الذي أنزله الله سبحانه وتعالى ولما يرتضيه جل شأنه.
لقد كانت الرذائل سائدة في الوسط العربي وغيره، فكانت رذيلة الزنا منتشرة انتشـارًا فاحشًا، وكذلك شـرب الخمور، وذلك قبل بعثة رسول الله r ومجيئه بنور الإسلام من العليم الحكيم.
ويُدلل على ذلك: أنه بعد بعثة رسول الله r ومجيئه بشريعة الإسلام، وتحريمه للزنا، جاءه r شاب يطلب منه أن يأذن له بالزنا ويجيزه له لعدم قدرته على تركه، فما كان من رسول اللهr إلا أن دعاه بحكمة إلى تركه ودعا له، فخرج ذلك الشاب من عند رسول الله r وليس أبغض عنده من الزنا بعد ما كان أحب شيء لديه.
فما يدل ذلك إلا على انتشار رذيلة الزنا آنذاك انتشارًا واسعًا.
وكذلك شرب الخمر: فلما بُعث رسول الله r وجاء بالإسلام ونور شريعته حرَّم r شرب الخمر ونهى عن تلك الرذيلة.
فما كان من أصحاب رسول الله r إلا الامتثال لأمره، فقاموا بالتخلص من جميع الخمور التي كانت لديهم وبديارهم بإلقائها في الشوارع، فأصبحت المدينة وكأنها بحار من الخمر.
فكان ذلك دليلا على انتشار تلك الرذيلة آنذاك قبل بعثة رسول الله r.
ولذلك: فإن أحكام الإسلام جاءت بكل رحمة وحكمة وما هو صالح لإقامة مجتمع على أسس من الخير والفضيلة نابعة من المنهج الربَّاني الذي يرتضيه الله تبارك وتعالى، والذي أرسل به رسوله r.
فلم يأمر رسول الله r بالرهبنة وقتل الشهوة والغريزة التي فُطر عليها أو يُحث على ذلك.
ولم يأمر r بترك معاشرة الزوجات، أو ينهى عن الزواج ولم يثن على أي من ذلك، بل نهى r عنه.
وفي الوقت ذاته: لم يُجز رسول الله r للإنسان بأن تسيطر عليه شهوته وغريزته فيتحرك تبعًا لهواه، شأنه آنذاك شأن الحيوانات والبهائم، فنهى r عن ذلك، وشدد من حرمته.
وإنما جاء رسول الله r بخير شريعة من الله سبحانه وتعالى للناس كافة والبشرية قاطبة في كل مكان وزمان إلى قيام الساعة، فوجه تلك الشهوة والغريزة الاتجاه الصحيح، وسيرها مسارها الذي لا اعوجاج فيه، وفقا للشرع الذي أنزله ربنا تبارك وتعالى، ووفقا لما يرتضيه الله سبحانه وتعالى، فكان ذلك آية من آيات الله سبحانه وتعالى.
فالفطرة السوية تقتضي:
أن الرجل لا يعيش بمفرده، بل يحتاج إلى المرأ ويميل إليها، وكذلك المرأة لا تعيش بمفردها، بل تحتاج إلى الرجل وتميل إليه.
وبذلك يحدث التزاوج بين كل منهما وتنشأ الذرية وغير ذلك من مخلوقات الله سبحانه وتعالى، مصداقًا لقوله تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [سورة الروم: 21].
فيتحقق مُراد الله عز وجل وفقا لقوله تعالى:
﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾.
[سورة الملك: 2]
فكافة مخلوقات الله سبحانه وتعالى تحتاج إلى التزاوج والتكاثر، فيكون ذلك دلالة على وحدانية الله سبحانه وتعالى، وأنه جل وعلا هو المتفرد بها.
فالله سبحانه وتعالى هو الخالق المقتدر، له الأسماء الحسنى وجميع صفات الكمال، فلا شبيه ولا مثيل له سبحانه وتعالى.
وهو سبحانه وتعالى الأول بلا ابتداء، فليس قبله شيء، وهو سبحانه وتعالى الآخر بلا انتهاء، فليس بعده شيء.
ولذلك كانت حكمة الشريعة الإسلامية التي جاء بها محمد r في إقرارها للزواج الشرعي كوسيلة للتعايش بين الرجل والمرأة -إذا توافرت شروطه بما يتفق مع أحكام ومبادئ الإسلام- وكوسيلة للتكاثر وإنشاء الذرية، فيكون الزواج آية على وحدانية الله عز وجل وقدرته وحكمته.. إلى غير ذلك لقوم يتفكرون.
مصداقًا لقوله تعالى:
﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [سورة الإخلاص].
* * * * * تعدد الزوجات في الأمم السابقة والشرائع السابقة
نتساءل: هل الإسلام هو أول من شرع نظام تعدد الزوجات؟
الجواب: بالطبع، لا.
فالشريعة اليهودية:
كانت تبيح تعدد الزوجات بدون حد، ومعلوم أن أنبياء التوراة كانت لهم زوجات كثيرات.
ولذلك فإن تعدد الزوجات عندهم مباح، مأثور عن الأنبياء أنفسهم.
الشريعة النصرانية:
لم يرد في الأناجيل نص صريح يمنع التعدد، وقد كان في أقدم عصور المسيحية من يرى إباحة تعدد الزوجات في أمكنة مخصوصة وأحوال استثنائية، وقد ثبت تاريخيًّا أن بين المسيحين الأقدمين من كانوا يتزوجون أكثر من واحدة، ويشهد لذلك:
[وستر مارك] العالم في تاريخ الزواج، فيقول:
إن تعدد الزوجات باعتراف الكنيسة بقي إلى القرن السابع عشر، وكان يتكرر كثيرا في الحالات التي لا تحصيها الكنيسة والدولة، ويقول أيضًا:
إن ملوك النصارى كانوا يتزوجون أكثر من واحدة.
ولقد ذهبت بعض الطوائف المسيحية إلى إيجاب تعدد الزوجات.
فالشريعة النصرانية ليس فيها نص صريح يمنع أتباعها من التزوج بامرأتين فأكثر، ولكن رؤساءها القدماء وجدوا الاكتفاء بزوجة واحدة لحفظ نظام العائلة، وكان ذلك شائعًا في الدولة الرومانية، فلم يعجزهم تأويل ما يخص الزواج من كتبهم –الأناجيل- حتى صار التزوج بغير امرأة حرامًا، كما هو مشهور، وليس هذا بالأمر المُستغرب، فلقد حُرِّف، وضُيِّع الإنجيل كاملا وفقا للأهواء والمصالح، مثلما حرفت التوراة من قبله.
وفي عام 1948م تم عقد مؤتمر للشباب في –ميونيخ- بألمانيا من أجل بحث مشكلة زيادة عدد النساء في ألمانيا أضعافًا مضاعفة عن عدد الرجال بعد الحربين العالميتين، وقد استعرضت مختلف الحلول لهذه المشكلة، وكانت النتيجة:
أن أقرت اللجنة توصية المؤتمر المطالبة بإباحة تعدد الزوجات لحل هذه المشكلة.
وفي عام 1949م تقدم أهالي –بون- بألمانيا بطلب إلى السلطات المختصة يطلبون فيه أن ينص في الدستور الألماني على إباحة تعدد الزوجات.
ولقد نشرت الصحف منذ عدد من السنوات القليلة أن الحكومة الألمانية أرسلت إلى مشيخة الأزهر تطلب منها نظام التعدد في الإسلام؛ لأنها تفكر في الاستفادة منه كحد لمشكلة ازدياد النساء.
أما عن الأمم السابقة: فلقد كان نظام تعدد الزوجات موجودًا في الأمم القديمة كلها تقريبًا، عند الأثينيين، والصينيين، والهنود، والبابلين، والآشوريين، والمصريين.
لقد جاء الإسلام وأقر مبدأ تعدد الزوجات وفقا للأحكام الشرعية، والتي جاء بها رسول الله r لما فيه من حكم جليلة وفوائد أخلاقية عظيمة، ومصالح مهمة للفرد والمجتمع على سواء.
فكان ذلك من البراهين والشواهد التي تشهد بنبوة المصطفى r ورسالته وصدق الشرع الذي جاء وبعث به.

* * * * *
شهادة وثناء العباقرة والمفكرين الغربيين
على ما جاء به خاتم المرسلين من شرع محكم للعالمين
لقد شهد الكثير من الكتاب الاجتماعيين والمفكرين الغربيين بالشرع الذي جاء به رسول الله r وما أجازه من نظام تعدد الزوجات وأثنوا عليه؛ لما فيه من حكم جليلة وفوائد أخلاقية عظيمة ومصالح للفرد والمجتمع، فأصبحوا ينادون به ويشجعون عليه، وإليك موجز من أقوالهم:
(1) يقول –غوستاف لوبون- في كتابه (حضارة العرب):
إن مبدأ نظام تعدد الزوجات الشرقي نظام طيب، يرفع المستوى الأخلاقي في الأمم التي تقول به، ويزيد الأسرة ارتباطًا، ويمنح المرأة احترامًا وسعادة لا تراهما في أوروبا.
(2) ويقول الفيلسوف الألماني –شوبنهور- في رسالة (كلمة عن النساء):
إن قوانين الزواج في أوروبا فاسدة المبنى بمساواتها المرأة بالرجل، فقد جعلتنا نقتصر على زوجة واحدة فأفقدتنا نصف حقوقنا، وضاعفت علينا واجباتنا.. إلى أن يقول: ولا تعدم امرأة من الأمم التي تجيز تعدد الزوجات زوجًا يتكفل بشئونها، والمتزوجات عندنا قليل، وغيرهن لا يحصين عددًا، تراهن بغير كفيل، بين بكر من الطبقات العليا قد شاخت وهي هائمة متحسرة، ومخلوقات ضعيفة من الطبقات السفلى، يتجشمن الصعاب، ويتحملن مشاق الأعمال، وربما ابتذلن فيعشن تعيسات، متلبسات بالخزي والعار، ففي مدينة لندن وحدها ثمانون ألف بنت عمومية، سفك دم شرفهن على مذبح الزواج، ضحية الاقتصار على زوجة واحدة، ونتيجة تعنت السيدة الأوروبية، وما تدعيه لنفسها من الأباطيل، أما آن لنا أن نَعُد بعد ذلك تعدد الزوجات حقيقة لنوع النساء بأسره.
(3) وتقول _أني بيرانت- زعيمة التيصوفية العالمية في كتابها (الأديان المنتشرة في الهند):
ومتى وزنا الأمور بقسطاس العدل المستقيم، ظهر لنا أن تعدد الزوجات الإسلامي الذي يحفظ ويحمي ويغذي ويكسو النساء أرجح وزنًا من البغاء الغربي، الذي يسمح بأن يتخذ الرجل امرأة لمحض إشباع شهوته، ثم يقذف بها إلى الشارع متى قضى منها أوطاره.
وغير ما ذكرنا الكثير والكثير من ثناء المفكرين الغربيين غير المسلمين على الشرع الذي جاء به محمد r من نظام تعدد الزوجات وتضمنه لما فيه الخير والصواب للفرد والمجتمع على السواء.

* * * * *
موجز بمكانة ومنـزلة المرأة قبل بعثة ورسالة النبي r
والشرع الذي جاء به من ربه تبارك وتعالى وبعدها
علينا أن نشير إشارة مختصرة إلى منـزلة المرأة ومكانتها قبل بعثة رسول الله r -وذلك إن كان لها أية منزلة أو مكانة تذكر قبل بعثته r- وبعدها.
- قبل البعثة:
لقد كانت المرأة قبل بعثة رسول الله r ورسالته مُمتهنة، مُحتقرة، ليس لها أدنى مكانة تُذكر.
(1) فلم تكن المرأة تُورَّث شيئًا، في أيٍّ من مراحلها؛ سواء كانت بنتًا أو زوجة أو أمًا.
(2) وكان منتشرًا في الجاهلية –قبل بعثة رسول الله r- وأد البنات، فكان إذا وُلد لهم بنت يعتريهم من الذل والعار ما يعتريهم، وما لا يطيقونه، ويصبح يوم الولادة يومًا أسود، فما يكون منهم إلا أن يقوموا بدفنهن غير باكين أو نادمين على شيء.
ومما يُدلل على ما نقوله:
ذلك القول الذي كان منتشرًا عنهن –المرأة- في الجاهلية من أن المرأة: نصرها صراخ وبرهن سرقة.
أي أنها إذا أرادت أن تنصر أباها أو أخاها أو زوجها، فما يكون منها إلا الصراخ، وإذا أرادت أن تبر أبويها فما يكون منها إلا أن تقوم بسرقة أموال زوجها وإعطائها لأبويها، وهذا بلا شك قول باطل أنكره الإسلام ولم يُقره، وغير ذلك من وسائل امتهان وإذلال المرأة إلى حين زواجها وإلى حين وفاتها في الجاهلية.
(3) عدم إشراك المرأة في أكل بعض الذبائح وتخصيص ذكورهم بها، وذلك وفقا لمعتقداتهم الفاسدة التي أبطلها الإسلام بعد مجيئه.
(4) ازدراء المرأة واستقذارها إذا حاضت، وعدم الاقتراب منها لأنَفَتِهِم منها.
وغير ذلك من الكثير والكثير من وسائل امتهان المرأة وإذلالها في الجاهلية قبل رسالة المصطفى r.
- بعد بعثة رسول الله r ورسالته:
لقد جاء الإسلام فمنح المرأة جميع حقوقها بعد ما كانت قد سُلبت منها، وأكرمها خير تكريم، ورفعها في أحسن منزلة، ومن صور ذلك:
(1) أن الإسلام أعطى المرأة حقها في الإرث –الميراث- فأصبحت تُورَّث كامل حقوقها ونصيبها، بل وحفظه لها، وإن كانت جنينًا أو مولودة صغيرة.
(2) أن الإسلام حرم وأد البنات لأنه قتل نفس زكية من غير ما يوجب قتلها، بل إن رسول الإسلام r علمنا أنه من وُلد له بنات فأكرمهن وأحسن تربيتهن، كانت بناته سترًا ووقاية له من نار جهنم يوم القيامة.
(3) أن الإسلام أشرك المرأة مع الذكور في أكل ما أحله من الذبائح.
(4) أن الإسلام أرشدنا: إلى أنه أنه لا حرج على الرجل في تعايشه مع زوجته أثناء فترة حيضها -حيث إن حيضتها ليست في يدها أو في ما هو ظاهر منها- وله كل شيء في ضوء ما أحله الله سبحانه وتعالى عدا الجماع- لما في ذلك من أضرار اكتشفت علميًّا حديثًا.
فكان ذلك من حكمة الشرع الذي جاء به رسول الله r ومن دلائل نبوته ورسالته..
(5) أن الإسلام أرشدنا: إلى حق الزوجة على الزوج من معاشرتهن والتعايش معهن بالحسنى وأن لا يظلمهن، وأن يكرمهن.
ولقد أوصى رسول الله r بهن خيرًا.
(6) أن رسول الله r علمنا: أن الأم لها منزلة كبيرة وعالية جدًّا في الإسلام، فأوصانا r بها لعظم حقها، وحرم عقوقها وشدد في حرمته –العقوق-.
ولقد علمنا رسولنا الكريم r أن بر الوالدين وخاصة بر الأم يكون سببًا في الوصول إلى رضا الله سبحانه وتعالى والفوز بدار نعيمه ورضوانه، وأن عقوق الوالدين والأم بصفة خاصة يُسبب غضب الله عز وجل وسخطه، وأن عقوقها يورث الخيبة وسوء العاقبة في الدنيا والآخرة.
إلى غير ذلك من صور إكرام الإسلام ورسول الإسلام للمرأة، فالمرأة إما بنتا أو زوجة أو أمًّا، وفي جميع مراحلها وكل أحوالها أكرمهن الإسلام وأكرمهن رسول الإسلام محمد r خير تكريم، وأنزلهن أعلى وأحسن منزلة، ورفع من قدرهن وشأنهن خير رفعة.
فصلوات الله وسلامه على هذا النبي الأمين الذي جاء بخير شرع محكم للعالمين.

* * * * *
تنبيه مهم جدًّا
علينـا أن نعلم أنه إذا كان في زواج رسول الله rمن نسـائه الإحدى عشرة زوجة وإمساكه عليهن بعصمته إلى أن توفي عن تسع منهن أدنى ثغرة للهجوم عليه r، والنيل منه والصد عن دعوته لما ترددت قريش –العدو الأول لرسول الله r- في ذلك ولأثارت وروجت الشبه والافتراءات، والأكاذيب والأباطيل حول هذا الزواج، بكل ما أتيح لها من وسائل وإمكانات لصد الناس عن اتباع رسول الله r.
وإنما كانت الدعايات الكاذبة والوساوس التي أثارها المنافقون حول شيئين اثنين وهما:
أ- حول زواج رسـول الله r من الزوجة الخامسة، في حين أن رسول الله r لم يجز للمسلمين –بأمر من الله سبحانه وتعالى- الزواج بأكثر من أربع نساء إلا إذا طلق إحداهن –لسبب شرعي- أو توفي منهن، فيحل له حينئذ الزواج ولا يزيد في إمساكه على أربع زوجات.
ب- حول زواج رسول الله r من زوجة ابنه زيد الذي كان قد تبناه النبي r قبل الرسالة وتحريم التبني، وذلك بعدما طلقها زيد وفارقها لتعسر المعايشة بينهما، وقد كان العرب يُعدُّون الزواج بزوجة الابن من أغلظ الفواحش والمنكرات.
وسوف يأتي بمشيئة الله تعالى في نقاط متقدمة الرد على مثل تلك الدعاوى الكاذبة.
فما كانت قريش لتغفل لحظة واحدة عن أدنى فرصة تستطيع من خلالها افتراءً وكذبا في أن تنال من رسول الله r والدين الذي جاء به، وهو الذي سفه آلهتهم –الأصنام والحجارة- وعابها، ليس هذا فحسب، بل سفه كل من عبدها وتقرب إليها.
فعلينا أن نتيقن من أن قريش وهي العدو الأول لرسول الله r، وأول من كان في صالحه القضاء على هذه الدعوة –الإسلام- وأول من تصدى لدعوة رسول الله r بكل ما أتيح لها من قوة ومكر ودهاء، ما كانت تدع لغيرها -من مستشرقين ودعاة للنصرانية واليهودية وغيرهم- السبق في إثارة مثل تلك الشبهة الساقطة حول زواج رسول الله r من هذا العدد من نسائه الإحدى عشرة زوجة، وأن الدافع لهذا الزواج هو الدافع الغريزي فحسب، قاتلهم الله.
فما ذلك إلا لينالوا من رسول الله r ودعوته.
وما ذلك إلا بسبب الحقد الذي قد ملأ قلوبهم بعد أن خرج نبي آخر الزمان الذي أخبرت به التوراة وبشر به الإنجيل –قبل تحريفها- من غير قومهم –العرب-، فقد كانوا يظنون أنه سيخرج منهم، فكان اليهود في المدينة قد أعلنوا ذلك وصرحوا به، من أنه يوشك أن يخرج فيهم نبي يتبعونه ويقاتلون معه، فلما خرج هذا النبي المنتظر من العرب، وفطن أهل المدينة لما كان قد قاله اليهود وأعلنوا به من أمر هذا النبي المنتظر، فسرعان ما آمنوا به وبدعوته قبل أن تقوم اليهود بذلك.
فما كان من أمر اليهود إلا أن غاظهم خروج نبي آخر الزمان الذي أخبرت به كتبهم من العرب وليس منهم، وكذلك سبق أهل المدينة في الإيمان بهذا النبي الخاتم وبدعوته، فعميت قلوبهم وأبصارهم عن اتباع الحق، وخضعت قلوبهم وعقولهم لهوى النفس وكبرها وحقدها.
ولكننا نلحظ بوضوح أن كل من أخلص نيته في اتباع الحق حيث كان، وأعمل عقله فلم يغفله، ولم يستجب لهوى نفسه، أو لأي من المؤثرات والضغوطات الخارجة، أنه لا يسعه إلا أن يتبع محمدًا r وأن يؤمن بدعوته.
وخير شاهد على ذلك: الآلاف بل الملايين الذين اعتنقوا هذا الدين الذي جاء به خاتم المرسلين محمد r.
ولا يزال الكثير والكثير يدخلون في هذا الدين أفواجًا لا سيما العقلاء والعلماء الذين قد تبين لهم مصداقية القرآن الكريم الذي أُنزل على رسول الله r وأحاديثه النبوية الشريفة في الإخبار بغيبيات ماضية وحاضر ة ومستقبلية، فجاءت وقائعها مطابقة لما أخبر به القرآن الكريم، ولما أخبر به رسوله r، وكذلك الإشارة إلى حقائق كونية وعلمية مبهرة اكتشفت حديثًا، ولم يكن لأحد أدنى معرفة بها قبل ذلك.
فالإسلام يحمل في طيه انتشارًا، وليس ذلك إلا لأنه الدين الحق الذي ارتضاه ربنا تبارك وتعالى للعالمين.
ورسوله محمد r رسول صدق جاء رحمة للعالمين.

* * * * *
أولا: لماذا لم تُثِر قريش ولم تُروج ما أثاره غيرها من جهلاء هذا العصر من مستشرقين وحاقدين، حول زواج رسول الله r من هذا العدد من نسائه الإحدى عشرة زوجة، وإمساكه عليهن حتى توفي عن تسع منهن، كشبهة للطعن في نبوته r، ومن ثم دعوته، لا سيما علمها بعظم وخطورة هذه الدعوة التي يدعو إليها رسول الله r، والتي تقتضي كسر كبرياء سادة قومها وأنفتهم، وأن يتساوى الجميع أحرارًا وعبيدًا في خضوعهم جميعًا لسلطان الله عز وجل لا لأي آخر؟!
نجيب: إن قريش كانت حقيقة هي العدو الأول لرسول الله r، وكانت تعلم تمام العلم خطورة ما يدعو إليه رسول الله r من توحيد لله سبحانه وتعالى –توحيد الألوهية والربوبية- وعبادته سبحانه وتعالى وحده دون أن يُشرك به شيئًا.
وكانت تعلم ما وراء ذلك من اتباعها لرسول الله r ومن ثم خضوعها لله عز وجل، وحكمه وشرعه الذي أرسل به نبيه محمد r.
ومع علم قريش بصدق رسول الله r وصدق رسالته ودعوته إلا أنها تأبى وتأنف تمامًا أن تخضع لحكم الله عز وجل وشرعه لما في ذلك من مخالفة أهوائها وأطماعها وشهواتها وكبريائها.
وكانت تسعى جاهدة لإطفاء دعوة رسول الله r والصد عنه، والتنكيل بكل من آمن بها واتبعها.
ولم يخف عن قريش أمر زواج رسول الله r من هذا العدد من نسائه ولم تغفل عنه، ولكنها لم تثر حول هذا الزواج شيئًا مما قد روجه بعض الجهلاء والحاقدين من هذا العصر وذلك:
(1) أن تعدد الزوجات ليس بالأمر المُحدث الجديد الذي لم تعهده العرب، بل إن تعدد الزوجات هو من أصل عادة العرب، فقد كان معروفًا لديهم ومنتشرًا بينهم.
(2) أنه كان متعارفًا بينهم أن تعدد الرجل لزوجاته هو بمثابة المدح له، ورجوليته ومسئوليته وقدرته من حيث القدرة على جماعهن جميعًا، وتحمل أعبائهن ونفقاتهن وإخضاعهن جميعًا لسيطرته وكلمته.
(3) أنه لا يستطيع أن يقوم بذلك –تعدد الزوجات- إلا سادة القوم، وهم أصحاب الأموال والجاه والنفوذ.
فكان الرجل منهم يتزوج عددًا كثيرًا من النساء ويبقي عليهن جميعًا في آن واحد، ولا يلام عليه في ذلك، بل إنه ينال عظيم الثناء والمدح.
وكان من الصحابة من كان متزوجًا بالكثير من النساء -أكثر من أربع زوجات- ثم بعد أن اعتنق الإسلام دينا ما كان منه إلا أن يخضع لشرع الله عز وجل وأمر رسوله r بأن يمسك على أربع زوجات وأن يطلق الباقي.
ولذلك: فإن زواج رسول الله r من هذا العدد من نسائه كان بمثابة المدح له، وذلك بشهادة العرب جميعًا وفقا لما هو متأصل عندهم ومطابق لأصل عاداتهم.
ولذلك فإن قريشًا لم تثر ولم تروج ما أثاره وروجه غيرها.
ولكنها اتخذت سياسـة الصد عن هذا الدين الجديد الذي جاء به محمد r، والوعيد والتنكيل بكل من اتبعه r، ولكن لم يغن ذلك عنها شيئًا ولم يجد بثماره، فجهزت وعبأت جيوشها وأعلنت حربها على رسول الله r وكل من اتبعه للقضاء على دعوته r، ولكنها ما جنت إلا الخزي والذل، والحسرة والندامة.
فلقد أيد ربنا تبارك وتعالى رسوله r بحفظه، ونصره على كل أعدائه، وأبطل كيدهم، وأطفأ نورهم، ونشر دينه، وحكَّم شريعته، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، فالله سبحانه وتعالى متم نوره ولو كره الكافرون.

* * * * *

ثانيًا: الرد على:
أ- ما أثاره المنافقون من زواج رسول الله r من الزوجة الخامسة، في حين أنه r لم يُجز للمسلمين بأن يزيدوا في إمساكهم على أربع زوجات
لقد أثار المنافقون ومن شاكلهم –اليهود وغيرهم- أكاذيب وأباطيل وجدالا حول زواج رسول الله r من هذا العدد من نسائه الإحدى عشرة زوجة في حين أنه r لم يجز للمسلمين بأن يزيدوا في إمساكهن على أربع زوجات، وبذلك لا يكون هناك توافق بين عدد الزوجات التي تزوج بهن رسول الله r وبين العدد الذي أمر المسلمين بأن لا يزيدوا في إمساك أزواجهم عليه.
وسوف نذكر الآن موجزًا من الرد على ذلك القول الباطل، حيث إنه سوف يأتي في نقاط تالية الجواب مطوّلا من منطلق أدلة دامغة وشواهد حق وبراهين صدق لا يزيغ عنها إلا ضال، ومن منطلق إظهار الحق وإزهاق واضمحلال الباطل.
لقد بدأ المنافقون واليهود إشـعال نارهم وترويج شائعاتهم مع زواجـه r من السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها، والتي تعتبر بمثابة الزوجة الخامسة لرسول الله r بعد وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها وكذلك السيدة زينب بنت خزيمة والتي تعرف بأم المساكين لرحمتها إياهم، ونقول:
1- أن زواج رسول الله r من هذا العدد من نسائه إنما هو من خصوصياته r التي اختصه ربنا تبارك وتعالى بها وأجازها له دون المسلمين، كصيامه r وصالا -أن يصوم يومين متتاليين دون إفطار بينهما- في حين أنه لا يجوز للمسلمين مثل هذا الصيام لما فيه من مشقة عليهم، لا سيما في الأيام الحارة الجافة، بينما رسول الله r يطعمه ربه تبارك وتعالى ويسقيه، إلى غير ذلك من خصوصيات رسول الله r التي اختصه الله سبحانه وتعالى بها.
2- إن هناك من الأنبياء قبله r من قد تزوج بالكثير والكثير من النساء، كنبي الله داود عليه السلام، الذي كان عنده مائة من الحرائر، وكنبي الله سليمان عليه السلام الذي كان ملكًا نبيًّا.
3- إن زواج رسول الله r من هذا العدد من نسائه له حكم جليلة وفوائد عظيمة سوف نوضحها في نقاط تالية بمشيئة الله تعالى.
4- لقد سلك رسول الله r الطريق الذي بينه له ربه تبارك وتعالى، ممتثلا لأوامره، مجتنبًا لنواهيه، معرضًا عن افتراءات الجاهلين والحاقدين، لا يأبه بهم، ولا يلقي اهتمامًا لهم ولما يفترونه، غير شاك في تأييد الله عز وجل، مستيقن في نصر الله عز وجل له ولدعوته r، فلا ينطق عن هوى نفسه، وإنما وفقا لما يوحى إليه من ربه تبارك وتعالى.
فنقول:
إنه r إن كان مدعيًا للرسالة والنبوة، مُشرِعًا لما يشاء وفقًا لأهوائه ومتطلباته لسلك طريقًا آخر سهلا، لا يلقى فيه أدنى عناء من مثل هؤلاء الجاهلين والحاقدين.
- فكان r يمكنه أن يجيز للمسلمين عددًا أكبر من التعدد بالزوجات، فيُحل لهم الزواج بأكثر من أربع زوجات مثله تمامًا.
- أو أن يجيز r لهم التعدد بالزوجات مطلقًا وفقًا لرغباتهم وإمكانياتهم دون تقييد هذا العدد، فيُحل لهم الزواج بأي عدد شاءوا من النساء ورغبوا فيه، وسوف يساعده r آنذاك في سلكه لمثل ذلك الطريق:
1- أن الأصل في عادة العرب تعدد الزوجات وكثرتها، فليس ذلك بأمر مستحدث أو مُستغرب بالنسبة لهم.
2- بل إن تعدد الزوجات في العرب يكون بمثابة المدح للرجل، فيدل على رجوليته وقدرته كما سنوضح بمشيئة الله تعالى في نقاط تالية.
- ولكن حاشاه r من أن يسلك طريقًا غير الطريق الذي بينه له ربه تبارك وتعالى، أو أن يشرع أمرًا وفقًا لهواه أو متطلباته.
- فلم يكن رسول الله r مدعيًا للرسالة أو النبوة، بل كان r رسول الله حقًّا وصدقًا، مبلغًا كل ما يوحى إليه من ربه تبارك وتعالى، ممتثلا لأوامره سبحانه وتعالى.
- فلم يكن رسول الله r إلا منفذًا لأمر الله عز وجل ومطبقًا لشرعه سبحانه وتعالى، لا يخافن فيه جل شأنه لومة لائم.
فكان ذلك كله شاهدًا برهانًا على صدق رسالته ونبوته r.

* * * * *
ثالثًا: الرد على:
ب- ما أثاره المنافقون حول زواج رسول الله r من زوجة ابنه زيد الذي كان رسول الله r قد تبناه آنذاك قبل الرسالة وتحريم التبني، حيث إن العرب يُعدُّون الزواج من زوجة الابن من أكبر الفواحش والمنكرات:
بداءة: ينبغي علينا أن نعرف:
1- ماذا يقصد بالتبني؟ 2- مساوئ ومفاسد التبني.
وذلك حتى يتبين لنا حكمة الإسلام الجليلة وعظيم شرعه في القضاء على تلك العادة المتأصلة الراسخة في العرب.
1- يقصد بالتبني: أن يتخذ الرجل ابنًا له من غير صُلبه ونسله، فيصبح بمثابة الابن الحقيقي له ما له من حقوق، وعليه ما عليه من واجبات.
2- ومن بعض مساوئ ومفاسد التبني ما يلي:
أ- أن التبني يتسبب في ضياع الأنساب الحقيقية واختلاطها.
ب- ضياع الحقوق في المواريـث وغير ذلك، حيث يـرث الدَّعي -الابن المُتبنى- ما ليس من حقه، ويُحرَم من الميراث كليا أو جزئيًّا من له حق فيه بسببه –المتبنى- فأراد الله سبحانه وتعالى أن تُلحق الحقوق بأهلها مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾.
[سورة الأنفال: 75]
جـ- التضييق على المسلمين بعدم إمكانيتهم في الزواج بأزواج أدعيائهم –من التبني- اللواتي دخـلوا بـهن إذا فارقوهـن، وذلك لأنـهم –الأدعياء- بمثابة الأبناء الحقيقيين تبعًا لتبنيهم إياهم، إلى غير ذلك من مساوئ ومفاسد لا يسع ذكرها في موضوعنا.
وكان رسول الله r قد تبنى مولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه، وذلك بعدما أعتقه r من الرق، فكان سيدًا كبير الشأن، جليل القدر، حبيبًا إلى النبي r، ويقال لابنه أسامة الحب بن الحب، لشدة حب رسول الله r لهما.
فكان يُقال له: زيد بن محمد، وذلك قبل تحريم التبني.
ثم زوَّجه رسول الله r بابنة عمته –ابنة عمة رسول الله r- السيدة زينب بنت جحش الأسدية رضي الله عنها، فأمها أميمة بنت عبد المطلب.
فمكثت السـيدة زينب رضي الله عنها عند زوجها قريبًا من سـنة أو فوقها، ثم وقع بينهما ما يعوق التعايـش بينهما، فجاء زيد يشكوها إلى النبي r، فجعل النبي يقول: «أمسك عليك زوجك واتقِ الله» [صحيح مسلم].
ثم حدث أن فارقها زيد.
وجاء أمر الله عز وجل لرسوله r بالزواج من السيدة زينب رضي الله عنها، والتي كانت بمثابة زوجة ابنه –من التبني- قبل أن يطلقها، كنقض وهدم لعادة التبني المتأصلة في العرب وتحريمها.
فكانت السيدة زينب رضي الله عنها تفخر على أزواج النبي r فتقول: «زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سماوات».
[صحيح البخاري]
فكان من حكمة الله سبحانه وتعالى في هذا الزواج المبارك لرسول الله r من السيدة زينب رضي الله عنها:
كسر وهدم قاعدة التبني المتأصلة في العرب ونقضها وتحريمها لما بها من مساوئ ومفاسد.
حيث إنه لن تأتي بعد شريعة الإسلام الذي جاء بها رسول الله r أية شريعة أخرى إلى أن يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها، فيستلزم أن تكون هذه الشريعة الخاتمة شريعة تامَّة، كاملة، لا ينقصها ولا يغيب عنها أدنى شيء مما يقوم به مصالح العباد من عبادات ومعاملات.. إلى غير ذلك.
ولقد قال الله تعالى:
﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ [سورة الأحزاب: 38].
أي أنه: ليس على النبي r من حرج فيما أحله جل شأنه له وأمره به من زواجه للسيدة زينب رضي الله عنها التي طلقها دَعِيَّه –ابنه من التبني- زيد بن حارثة رضي الله عنه.
وأن هذا حكم الله سبحانه وتعالى في الأنبياء قبله r، فلم يكن يأمرهم سبحانه وتعالى بشيء فيكون فيه حرج عليهم.
وفيما أشرنا إليه ردٌّ على من توهم من المنافقين أن في زواج رسول الله r بامرأة مولاه زيد رضي الله عنه ودعيه –من التبني- الذي كان قد تبناه أي نقص أو ريبة في رسالته ودعوته r.
فكان أمر الله سبحانه وتعالى كائنًا لا محالة، وواقعًا لا محيد عنه ولا معدل، فما شاء سبحانه وتعالى كان، وما لم يشأ لم يكن.
فكان من حِكَم الإسلام الجليلة: القضاء على التبني وتحريمه بعدما كان عادة راسخة متأصلة في العرب، وذلك للقضاء على مساوئه.
فترتب على ذلك:
1- الحفاظ على الأنساب الحقيقية وعدم ضياعها، أو اختلاطها.
2- الحفاظ على الحقوق والمواريث، وعدم ضياعها، وإعطاء كل ذي حق حقه؛ امتثالا لقول الله تعالى:
﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾.
[سورة الأنفال: 75]
3- أن لا يكون هناك تضييق أو حرج على المسلمين في أن يتزوجوا من أزواج أدعيائهم –من التبني- وإن دخلوا بهن بعد مفارقتهم لهن؛ امتثالا لقول الله تعالى:
﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ﴾ [سورة الأحزاب: 37].
فكان هذا الزواج المبارك لرسول الله r من السيدة زينب رضي الله عنها حقًّا شهادة له r بالرسالة والنبوة، وصدق الشرع الذي جاء به من ربه تبارك تعالى وحكمته.

* * * * *

رابعًا: شاهد عقلي، مرئي واقعي على بطلان شبهة زواج رسول الله r من هذا العدد من نسائه، الإحدى عشرة زوجة، وإمساكه عليهن، إلى أن توفي عن تسع منهن كثغرة للطعن في رسالته r ودعوته
بداءة: قبل أن نذكر هذا الشاهد، فإننا نوجِّه سؤالا موجزًا بإجابة موجزة، ونتساءل:
هل يُعد عدم زواج النبي الـمُرسل من الله سبحانه وتعالى أو زواجه بعدد من النساء قلَّ أو كثُر شرطا في صحة وصدق نبوته ورسالته؟!
الإجابة: بالطبع، لا.
فهناك من الأنبياء من لم يتزوج مطلقًا، كنبي الله يحيى عليه السلام، حيث كان لا يأتي النساء –لا يجامعهن- مع القدرة على إتيانهن، وكنبي الله عيسى عليه السلام.
وهناك من الأنبياء من قد تزوج بالكثـير من النساء؛ كنبي الله داود عليه السلام، فقد كان عنده مائة امرأة من الحرائر، وكذلك نبي الله سليمان عليه السلام، فقد آتاه الله سبحانه وتعالى الملك والنبوة فضلا من الله تبارك وتعالى وخصوصية له عليه السلام، فالأنبياء والرسل لهم خواص اختصهم الله تبارك وتعالى بها عن سائر البشر، لا سيما النبوة والرسالة، فقد اختصهم الله تبارك وتعالى بالوحـي الذي يتنـزل عليـهم وغـير ذلك، كتكليم موسـى عليه السلام لله سبحانه وتعالى وكولادة عيسى عليه السلام بدون أب كلمةً من الله وقدرة منه جل شأنه، وكاصطفاءه سبحانه وتعالى محمدًا r بالعروج إليه فوق سبع سماوات ووصوله
المديرالعام
المديرالعام
Admin

عدد المساهمات : 272
نقاط : 807
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 23/12/2009
العمر : 14
الموقع : منتديات الخفجي

https://ttbrahim2009.ahlamontada.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى